في ظلّ التطوّرات المتلاحقة التي يشهدها قطاع التكنولوجيا، أصبحت مراكز البيانات دوافع قوية لتمكين عالمنا الرقمي المتسارع. وتساهم البنى التحتية العصرية لمراكز البيانات بدور مذهل في تلبية احتياجاتنا المتزايدة للخدمات عبر الإنترنت، والتجارة الإلكترونية، والاتصال عن بُعد. وعلى الرغم من استمتاعنا بخدمات الدعم، والراحة التي تُوفّرها مراكز البيانات، إلّا أنّه يصعب علينا التغاضي عن تأثيرها على البيئة من حولنا.
وبالنظر إلى تزايد احتياجاتنا للطاقة، يستدعي نموّ مراكز البيانات وجود رؤية مستدامة لهذا القطاع تدعم مسيرة تطوّرنا في ميدان التكنولوجيا. فهناك حاجة ملحّة لإيجاد حلول مستدامة عاجلة تلبي احتياجات قطاع مراكز البيانات الذي يشهد نموًّا هائلًا؛
حيث تسبب هذه المراكز نسبة تقارب 3% من إجمالي الانبعاثات الكربونية حول العالم، وهو رقم كبير يصعب تجاهله في ظلّ جهودنا المتواصلة لبناء مستقبل أفضل.
وفي عام 2022، استهلكت مراكز البيانات ما يتراوح بين 240-340 تيراواط/ساعة من الطاقة الكهربائية على مستوى العالم، وهو ما يمثل حوالي نسبة تتراوح بين 1 و1.3% من إجمالي الطلب على الكهرباء. ومن جهة أخرى، تُضيف الكميات الهائلة من المياه اللازمة لأنظمة التبريد الخاصّة بمراكز البيانات مزيدًا من الضغط على الموارد المائية الشحيحة أصلًا.
ومع تصاعد المخاوف بشأن تغير المناخ العالمي، أصبحت الحاجة ملحّة لمعالجة هذه التحديات.
وتتمثّل إحدى الطرق التي يمكن من خلالها تخفيف الانبعاثات الكربونية الصادرة عن مراكز البيانات بشكل ملحوظ في التحوّل إلى استخدام الطاقة الشمسية وطاقة الرياح وغيرها من بدائل الطاقة النظيفة. وقد تبنّت شركات مثل "جوجل" و"أبل" هذا التحوّل المثالي بالفعل، لتقدم بذلك نموذجًا قابلًا للتطبيق يضمن لنا مستقبلًا أكثر استدامة. ومن المثير للاهتمام أن التوقّعات تشير لازدهار سوق مراكز البيانات الخضراء بنسبة تزيد عن 14% سنويًا حتى عام 2032. وبهذا يرتفع الطلب على إنشاء مراكز البيانات المستدامة بصورة غير مسبوقة.
ومن هنا، أظهرت "خزنة داتا سنتر" ريادتها على هذا الصعيد؛ حيث قامت بتحسين بنيتها التحتية الرقمية في المنطقة دعمًا لجهود الاستدامة، كما تساهم مبادرات "خزنة" الإستراتيجية في دفع التحوّل نحو مصادر الطاقة المتجدّدة، للحدّ من الاعتماد على مصادر الطاقة التقليدية وخفض انبعاثات غازات الدفيئة.
لقد قمنا بتنفيذ مبادرات تتوافق مع إستراتيجية "المستقبل أولاً" في "خزنة داتا سنتر"، والتي تتمثل في التزامنا بالاستدامة عبر الاستثمار الفعّال في مصادر الطاقة المتجدّدة، مثل الطاقة الشمسية، لتشغيل عمليات مراكز بياناتنا، والحدّ من الاعتماد على مصادر الطاقة التقليدية، بالإضافة إلى تحوّلنا التدريجي من استخدام وقود الديزل إلى بدائل الوقود الحيوي المنتجة من مصادر متجدّدة تتميز بانخفاض انبعاثاتها من غازات الاحتباس الحراري، بالمقارنة مع الوقود الأحفوري التقليدي.
وفي هذا السياق، تحرص "خزنة" أيضًا على اعتماد طرق تبريد مبتكرة لتحسين كفاءة الطاقة والحدّ من استهلاكها، وتقوم بتوفير أنظمة تبريد مجاني ثابتة باستخدام الماء، تمّ تصميمها لضمان كفاءة التبريد في درجات الحرارة العالية، والظروف البيئية القاسية، مما يحقق توفيرًا كبيرًا للطاقة، مع قدرة إنتاجية أعلى، بالإضافة إلى تقليل الضوضاء أثناء التشغيل.
وإلى جانب مصادر الطاقة المتجدّدة وكفاءة استهلاك الطاقة، يتضمن نهجنا في الاستدامة التخلص المسؤول من النفايات وإعادة التدوير الفعّال، لتقليل الأثر البيئي الناجم عن عملياتنا. كما تسعى "خزنة" أيضًا للحصول على الشهادات والاعتمادات الخضراء لتأكيد التزامنا بالاستدامة والممارسات الصديقة للبيئة.
ويوفر نهجنا المعياري مزايا عرض فريدة تتيح التوسّع بنطاق البنية التحتية بما يتوافق مع الطلب والموارد التشغيلية. ومن خلال هذه التصاميم المعيارية التي تُعزّز كفاءة الطاقة، تضمن "خزنة" استخدام الموارد أيضًا بكفاءة تتجنّب الاستهلاك غير الضروري للطاقة، وصيانة المعدات قليلة الاستخدام. كما تحافظ تصميمات "خزنة" النموذجية والموفّرة للطاقة على مستويات عالية من التعزيز والمرونة تضمن تحسين زمن التشغيل وتحدّ من مخاطر التوقّف، مع تنسيق توزيع الطاقة لضمان تدفق فعّال للكهرباء إلى جميع المكوّنات الحيوية.
كما يُمثّل التعاون في هذا القطاع جانبًا رئيسيًا من عمليات "خزنة" على المستوى المحلي؛ فقد أبرمنا اتفاقية مع "إيميرج"، وهي مشروع مشترك بين شركة أبوظبي لطاقة المستقبل "مصدر" و"إي دي أف"، بهدف تطوير محطة طاقة شمسية كهرضوئية لتزويد الطاقة لمركز بياناتنا الجديد ضمن مدينة مصدر. كما أطلقنا بالتعاون مع "بيئة للرقميات" مشروع تصميم وبناء وتشغيل أول مركز للبيانات من المستوى الثالث في إمارة الشارقة، والذي سيُوفّر بنية تحتية موثوقة وفعّالة لتخزين البيانات تلبي احتياجات الشركات في الإمارة، عبر تقليل تكاليف الصيانة واستهلاك الطاقة، فضلاً عن تحسين وقت التشغيل.
وفي خضمّ التطوّرات التي نشهدها في العالم الرقمي؛ مثل الذكاء الاصطناعي (AI) والتعلّم الآلي (ML) وإنترنت الأشياء (IoT) والتخزين السحابي، أصبحت رحلتنا نحو الاستدامة عبارة عن شبكة مترابطة من الجهود؛ حيث يشهد قطاع مراكز البيانات تحوّلًا يشمل التصميمات النموذجية لتكامل الطاقة وأنظمة التبريد الذكية والشراكات التعاونية. وتعدّ مبادرة "خزنة" في هذا المجال نموذجًا يُؤكّد أنّ صناعة مراكز البيانات ليست مجرد طموح؛ بل حقيقة واقعة تتشكل أمامنا عبر الخبرة التكنولوجية والقيادة الفكرية والتفاني المشترك لبناء مستقبل مستدام.