خلال عام 2021، انتعش قطاع الألعاب الإلكترونية الذي كان يُعتبر سوقاً خاصاً فيما سبق، وسجّل ارتفاعاً كبيراً في حصته السوقية إلى ما يقارب 160 مليار دولار. وتعتبر منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا إحدى أسرع أسواق الألعاب الإلكترونية نمواً، بمعدل زيادة سنوي يبلغ 14.5٪ مقارنة بالعام الماضي 2020، لتصل قيمتها الحالية إلى 5.4 مليارات دولار. وتأتي دولة الإمارات العربية المتحدة والمملكة العربية السعودية ومصر في طليعة هذا النمو، نظراً لاحتضانها أكبر عدد من اللاعبين على مستوى المنطقة.
وفي ظل تزايد الاهتمام والاستثمار في تطوير المواهب والألعاب المحلية، يتوسع انتشار الألعاب الإلكترونية في دولة الإمارات، مع توقعات بأن يصل معدل إنفاق اللاعب سنوياً إلى 115 دولار أمريكي. واعتباراً من منتصف عام 2021، قُدّر حجم سوق الألعاب الحالي في المملكة العربية السعودية بنحو 2.6 مليار ريال سعودي، ومن المتوقع أن يتضاعف حجمه أربع مرات بحلول عام 2030 ليصل إلى 9.5 مليارات ريال سعودي. ومع بدايات عام 2021، وصل معدل النمو السنوي لسوق الألعاب السعودي إلى نسبة 22٪، وهي من أعلى معدلات النمو في العالم، وكان الاختيار قد وقع على المملكة لاستضافة أكبر بطولة عالمية للألعاب في المنطقة، وهي "كأس العالم لتحدي ببجي موبايل"، العلامة الفارقة لعالم الألعاب في الشرق الأوسط.
واستفاد قطاع الألعاب الإلكترونية من التطور التكنولوجي والأساليب المبتكرة، مثل الرسوميات فائقة الدقة، وتجارب الألعاب الغامرة بتقنية الواقع المعزّز (AR) والواقع الافتراضي (VR). كما أتاح توفر اتصالات الإنترنت الموثوقة بسرعة عالية، وبزمن استجابة منخفض، إمكانية تقديم تجربة مستخدم عالية الجودة للاعبين في جميع أنحاء العالم، سواء على مستوى اللعب الاجتماعي، أو على المستوى الاحترافي في ميادين المنافسات العالمية.
ويتطلب تقديم تجربة ألعاب تنافسية مضمونة بدون انقطاع، مع وصول سهل إلى منصات العرض، توفر خدمة موثوقة وقدرات هائلة يمكن الاعتماد عليها. وفي هذا الإطار، يمكن لقطاع مراكز البيانات أن يدعم سوق الألعاب الإلكترونية المتنامية، من خلال إنشاء البنية التحتية الرقمية المناسبة والقادرة على دعم متطلبات الموقع والمساحة والاتصال وزمن الاستجابة في الألعاب.
البنية التحتية لمراكز البيانات
في السنوات الأخيرة، ازدهرت أعمال إنشاء مراكز البيانات نتيجة لزيادة التوجه نحو الرقمنة. وفي ظل انتشار جائحة "كوفيد-19"، كان من الطبيعي أن نشهد حاجة متنامية لزيادة القدرة الاستيعابية في مراكز البيانات، وخاصة مع تزايد الاعتماد على التجارة الإلكترونية، وبث البرامج الرقمية وعقد الاجتماعات الافتراضية عبر الإنترنت.
وتعتبر قدرة مركز البيانات على التوسع شرطاً أساسياً لمواكبة الزيادة في أعداد اللاعبين، ولدعم تجارب المشاهدة المستمرة للملايين منهم حول العالم. ويساهم التوافر المستمر للخدمة بدعم من مراكز البيانات القوية، في تسهيل تجارب الألعاب، حيث يتيح أمام اللاعبين فرصة لمواصلة اللعب بدون توقف.
ومع التطورات المستمرة التي تشهدها الشبكات وتقنيات البث المباشر، أصبح الوصول إلى الألعاب الرقمية عبر مختلف الأجهزة متاحاً بسهولة تفوق أي وقت مضى؛ حيث كانت المنافسات الرقمية الافتراضية والألعاب عبر الإنترنت تعتمد في السابق على نموذج خادم العميل وخوادم المواقع الإلكترونية المشتركة، والتي كانت تقتصر على ناشري الألعاب الكبار فقط. والآن، يمكن لناشري الألعاب من مختلف المستويات، الاستفادة من موارد مراكز البيانات وإمكاناتها، وهو الأمر الذي عزز زيادة أعداد الألعاب الإلكترونية التي لا تتطلب الاستثمار في وحدات التحكم بها.
وتعتمد فعاليات الرياضات الإلكترونية بصورة كبيرة على قدرات مراكز البيانات في توفير إمكانية وصول مستقرة، حيث يؤدي أقل انقطاع لبث اللعبة إلى التأثير في قدرة اللاعب على المنافسة بشكل فعال ومستمر. كما يؤثر أي انقطاع للبث في قدرة الجماهير البعيدة على متابعة الألعاب. ولضمان الوصول إلى مستوى ثابت ومستقر من المرونة، ينبغي أن تمتلك مراكز البيانات بنية تحتية كافية، واستراتيجيات لاستمرارية تنفيذ الأعمال تضمن الوصول إلى وقت تشغيل دائم بنسبة 100%.
الاستفادة من الإقبال الهائل على الألعاب الإلكترونية
بفضل التكنولوجيا الجديدة الناشئة مثل تقنيات الجيل الخامس (G5)، وتركُّز الاهتمام بصورة أكبر على البنية التحتية للشبكات، تترسخ معالم المرحلة التالية للألعاب الإلكترونية بسرعة. وفي هذا الإطار، تتميز خدمات الألعاب السحابية بقدرتها على بث المحتوى عالي الجودة وفق كلفة النطاق الترددي للإنترنت وسعة الخوادم. ويشير مصطلح الألعاب السحابية إلى خدمات الألعاب التي تتيح أمام اللاعبين إمكانية الوصول إلى ألعاب الفيديو وتشغيلها من خلال اتصال بث مباشر. ويتحقق ذلك بالاعتماد على مراكز البيانات عن بُعد، والتي تستفيد من قوة المعالجة المتوفرة لدى الشركة، وتقوم ببث اللعبة مباشرة إلى جهاز اللاعب.
ومن الناحية التقليدية، تتطلب ألعاب الفيديو امتلاك اللاعبين للعبة نفسها، بالإضافة إلى تجهيزات المستهلك المخصصة لتشغيلها. وتتيح تكنولوجيا البث تنفيذ معظم إجراءات الحوسبة المطلوبة لهيكلة اللعبة في بيئة السحابة بدلاً من وحدة التحكم. وبعد تحرير ألعاب الفيديو من قيود أحجام وحدة التحكم، يمكن أن تتوسع إمكانيات الألعاب بصورة كبيرة، وهذا يعني أن الألعاب الإلكترونية لن تكون مرتبطة بعد الآن بمنصات أو بأجهزة معينة.
ومع أن حالة الإنترنت لدى المستخدم تحدد مستوى الأداء بصورة جزئية، إلا أن قدراً كبيراً من النجاح سيتحدد من خلال قدرة البيانات على اتخاذ أقصر طريق من الجهاز إلى مركز بيانات المزود. وهناك شيء واحد لا يتسامح فيه اللاعبون، وهو زمن الاستجابة، حيث تؤدي التأخيرات الناجمة عن التخزين المؤقت وفقدان حزم البيانات إلى توقف اللاعب، ومن المحتمل أن يلغي اشتراكه في خدمة الألعاب السحابية. ويمكن لأجزاء الألف من الثانية أن تؤثر على مسابقات الرياضات الإلكترونية، وأن تهدد إمكانية الفوز بالجوائز. وتتمثل إحدى الطرق الأكثر فاعلية في الحدّ من زمن نقل البيانات، وتخفيف الحمل الإجمالي على البنية التحتية الحالية، من خلال التخزين المؤقت للمحتوى المطلوب في مراكز البيانات المتطورة القريبة من المستخدمين النهائيين.
وفي هذا المجال، تتميز "خزنة داتا سنتر" بقدراتها القوية في تمكين منصات الألعاب السحابية، باعتبارها أكبر مزود لمراكز البيانات التجارية في الإمارات العربية المتحدة. وتتيح لها قدراتها السحابية المتميزة معالجة مشكلات زمن الاستجابة عند نقل البيانات من السحابة إلى المستخدم النهائي، وتحسين تجربة العميل من حيث المحتوى والوظائف، بالإضافة إلى ضمان تقديم محتوى الفيديو مترافقاً مع تجربة مستخدم عالية الجودة.
مستقبل الألعاب يعتمد على مراكز البيانات
من المرجح أن يواصل قطاع الألعاب الإلكترونية مسيرته التصاعدية على المدى المنظور، وستحتاج خدمات الألعاب السحابية ذات الجودة العالية إلى قدر كبير من قوة الحوسبة لتقديم أحدث وأكبر التجارب للاعبين. وتسهم القدرة المتزايدة في "اللعب أثناء التنقل"، واللعب في أي وقت وأي مكان، في تغيير مفهوم الترفيه لدى الجميع. ومن المتوقع أن يتوجه ناشرو الألعاب نحو تركيز أولوياتهم على قطاع الألعاب في منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا، باعتبارها إحدى أسرع الأسواق نمواً في حجم اللاعبين والإيرادات. والآن، حان الوقت لإنشاء بنية تحتية قوية، وذلك يتطلب مراكز بيانات تعالج التغيرات في أحجام أحمال البيانات، وتضمن قابلية التوسع، وتحقيق أعلى المعدلات في استمرارية وقت التشغيل.